samedi 4 février 2012

المحرقة العربيّة

لقد أخطأ الذين قالوا أن العدوّ الأوّل للشّعوب العربيّة هي إسرائيل و من ورائها الولايات المتّحدة و انساقوا آملين بكل سذاجة و غفلة وراء الطّغاة لا لشيء إلاّ لأنّهم ينظمون قصائد الهجاء في هذا العدوّ.
لقد جانب الصواب الذين اعتقدوا أن القضيّة الأولى للشّعوب العربيّة هي احتلال فلسطين و سكتوا عن الحيف و الظلم بل و غرقوا في غيبوبة متعلقين بكل ظالم ينسج لهم، من خيوط كلامه، قصصا عن تحرير فلسطين.
لقد تخبّط خبط عشواء الذين انتظروا خيرا من طغاة العالم العربي و حسبوا أنّ في داخلهم قلبا ينبض بالحنين لفلسطين و عقلا يحلم بالعرب في أعلى علييّن.
و لم يكن تبيّن الخراب الدّاهم ،منذ سنين، بعزيز على من سلم بعض عقله من الحمق. فجرائمهم كانت تجهر العيون. ألم يجعل صدّام آلاف الأكراد في حلبشة كفراش مبثوث في يوم كأنّه يوم القارعة من سنة 1988؟ ألم يجعل الأسد الأب آلاف الأصوليّين في حماه كعصف مأكول في يوم كان شرّه مستطيرا من سنة 1982؟ ألم يعلّق القذّافي المشانق للطلبة و المعارضين في عروض للموت، رهيبة؟
لكنّ أكثر الناس لم ير في هذه الجرائم الشّيء الخطير. ففئة اعتقدت أن لا شيء يجب أن يلهينا عن عدوّنا الأوّل و قضيّتنا الأولى. و فئة ظنّت أن عظمة الهدف و مصيرية القضيّة يستدعيان الحزم الكثير. و فئة اعتقدت أنّها هفوات تغتفر و لا حيّ معصوم من الخطأ.
و الحقيقة أن جبّلا كثيرا حسب أنّه في منأى عن شرور هؤلاء الطّغاة. فهو ليس كرديّا و ليس أصوليّا و ليس شيوعيّا. بل هو مواطن عربيّ يريد، مثلهم، تحرير فلسطين و قهر الولايات المتّحدة و إسرائيل.
 و الواقع أنّ هذا هو عين الحمق. لأنّ من يرجو خيرا من فرد يمتهن إنسانا آخرا أو يذيقه ويلات العذاب إنما يبحث عن التبر في التّراب.
فالذي يستطيع أن يصفع إنسانا هو يستطيع صفع البشرية جمعاء وهو نفسه لا يأبى الصفع. لذلك تجد الطّغاة على شدّتهم أذلّاء صغار.
و الذي يستنقص أو يهوّن من معاناة و قمع الآخرين أو هو يجد لهما مبرّرا حاسبا أنّه في حصن حصين هو في واقع الحال يستدنيهما لنفسه و يشرّع القيام بهما لنفسه و لغيره.
لقد كانت نذر المحرقة العربية التي يحترق في أتونها، اليوم، الشّعب اللّيبي و الشّعب السّوري، تنعق بأعلى صوت في الأفعال المجرمة التي أقدم عليها نظام الأسدين و نظام القذّافي. ألم يكن في تلكم الجرائم بلاغ يكشف للنّاس مدى استهانتهم بالنفس البشريّة و عمّا لن يتوانوا عن اقترافه و هم في طغيانهم يعمهون؟ ألم تكن ترتسم في بشاعة تقتيلهم و لو لفئة قليلة، المشاهد الفظيعة للمحرقة العربية المقبلة لا محالة؟
لقد كانت مقدّمات المحرقة العربية و الإسلامية التي قامت بها و لا تزال القاعدة بكل فروعها، واضحة جليّة في جرائمها الأولى في الغرب و في تصريحات زعمائها.
ألم يكن في تقتيلها المدنيّين الغافلين الآمنين في الغرب و في إرسال الأغرار إلى الانتحار نذير للنّاس بوحشيّتها و غياب كل مقوّمات الإنسانيّة عن أفرادها؟ ألم يكن توعّد زعمائها للمدنيّين الأوروبيّين و الأمريكيّين أفصح دليل عمّا لن يتورّعوا عن فعله لكل الآدميّين؟
ألم تقتل، فيما بعد، الآلاف في العراق على أبواب المساجد و العتبات الشيعيّة. ألم تقتل في الأردن حتى مخرج فلم الرسالة، ألم تقتل في مرّاكش و في كينيا و في تنزانيا و في باكستان، الخ؟
و اليوم، قد ضّل طريقه من يصفّق و يهلّل شامتا متشفيّا للذين يستهزؤون من المحرقة اليهودية و يستصغرون عذابات ضحاياها و يبخسون شأن فجيعتها الإنسانيّة.
لأنّ من لا يجد بأسا أو هو يطرب لإنكار بعض الزّعماء لفظاعة المحرقة النازيّة معتقدا أنّ في دينه أو عرقه أو في الفاصل التاريخي و الجغرافي و الظرفي عاصما له من مثل عذابها هو واهم. فالمحرقة بهذا الإنكار أقرب له من حبل الوريد.
و ها هي الأبخرة الكريهة تنبعث من تصريحات نجاد، تزكم الأنوف، تفضح شؤم المحرقة التي سيكتوي بنارها الشّعب الإيراني يوم ينتفض على ديكتاتوريّة آيات الله.
قد يقول البعض أنّه من المبالغة تشبيه ما يفعله هؤلاء بما اقترف هتلر الذي قتل من اليهود 5 ملايين على أقّل تقدير. و لكنّي أقول لكم أنّه لو كان هؤلاء المجرمون زعماء لشعوب مثل الشّعب الألماني، علما و إبداعا و عملا و إنتاجا، لانطلقوا ،كالجراد جوعا، يأتون على الأخضر و اليابس و لأحرقوا ،و هم من شبق يرتجفون، البشريّة جمعاء و لحاولوا جهد أنفسهم أن يبيدوا دود الأرض أن يأكلهم حين يموتون.
أقزام ولدوا و كذلك يعيشون،
في الهوان كالخنازير يتمرّغون،
منّاعون للخير معتدون آثمون،
و لأنّي أعرف أكثر من المعقول،
يعافهم دود الأرض يوم يموتون،
مخافة العقم و اللّواط و الأفيون

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire